اكتب ما تود البحث عنه و اضغط Enter

قصة عزير نبي الله

الرئيسية قصة عزير نبي الله
قصة عزير نبي الله، وهي من القصص القرآنيّة التي ذكرت في سورة البقرة، وهو عزير بن جروة، يصلُ نسبه بهارون ابن عمران، ويقال إنّ قبره بدمشق، وأنّ عزيرًا كان ممّن سباه “بخت نصر”، وهو غلام حَدَث، فلمّا بلغ أربعين سنة، أعطاه الله الحكمة، قال: ولم يكن أحد أحفظ ولا أعلم بالتوراة منه، قال: وكان يُذكَر مع الأنبياء.

كان عزير نبي الله عبدًا صالحًا حكيمًا، خرج ذات يوم إلى ضيعةٍ له يتعهّدها، فلما انصرف أتى إلى خربةٍ حين قامت الظهيرة وأصابه الحرّ، ودخلها وهو على حمارِه، فنزلَ عن حماره ومعه سلةٌ فيها تين، وسلّة فيها عنب، فنزل في ظلّ تلك الخربة، وأخرج قصعة معه، فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة، ثم أخرج خبزًا يابسًا معه، فألقاه في تلك القصعة في العصير، ليبتلّ فيأكله، ثم استلقى على قفاه، وأسند رجليه إلى الحائط، فنظر سقف تلك البيوت، ورأى ما فيها وهي قائمة على عروشها، وقد باد أهلها، ورأى عظامًا بالية، فقال عزير نبي الله: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا} 1)، فلم يشكّ أن الله يُحييها، ولكن قالها تعجّبًا، فبعث الله ملك الموت فقبض روحه، فأماته الله مئة عام، فلما أتت عليه مئة عام، وكانت فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث، قال: فبعث الله إلى عزير ملكًا، فخلق قلبه ليعقل قلبه وعينيه، لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى.

ثم ركَّب خلقه وهو ينظر، ثم كسا عظامه اللحم والشعر والجلد، ثم نفخ فيه الروح، كلّ ذلك وهو يرى ويعقل، فاستوى جالسًا فقال له الملك: كم لبثت؟ قال: كم لبثت يوما أو بعض يوم، وذلك أنه كان لبث صدر النهار عند الظهيرة، وبعث في آخر النهار، والشمس لم تغب، فقال: أو بعض يوم، ولم يتم لي يوم، فقال له الملك: بل لبثت مئة عام، فانظر إلى طعامك وشرابك يعني: الطعام الخبز اليابس، وشرابه العصير الذي كان اعتصره في القصعة، فإذا هما على حالهما لم يتغير العصير والخبز يابس، فذلك قوله: “لَمْ يَتَسَنَّهْ” يعني: لم يتغير، وكذلك التين والعنب غضّ لم يتغير شيء من حالهما، فكأنه أنكر في قلبه، فقال له الملك: أنكرت ما قلت لك انظر إلى حمارك، فنظر إلى حماره قد بليت عظامه، وصارت نخرة، فنادى الملك عظام الحمار فأجابت، وأقبلت من كل ناحية، حتى ركبّه الملك، وعزير نبي الله ينظر إليه، ثم ألبسها العروق والعصب، ثم كساها اللحم، ثم أنبت عليها الجلد والشعر، ثم نفخ فيه الملك، فقام الحمار رافعًا رأسه، وأذنيه إلى السماء، ناهقا يظن القيامة قد قامت فذلك قوله: {وانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْما} 2). يعني: وانظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضا في أوصالها، حتى إذا صارت عظاما مصورًا حمارا بلا لحم، ثم انظر كيف نكسوها لحمًا.

فلمّا تبيّنَ له قال عزير نبي الله: أعلم أن الله على كلّ شيء قدير من أحياء الموتى وغيره، قال: فركب حماره حتى أتى محلته، فأنكره الناس، وأنكر الناس، وأنكر منزله، فانطلق على وهمٍ منه حتى أتى منزله، فإذا هو بعجوز عمياء مُقعَدة قد أتى عليها مئة وعشرون سنة، كانت أمة لهم، فخرج عنهم عزير، وهي بنت عشرين سنة، كانت عرفته وعقلته، فلما أصابها الكبر أصابها الزمانة، فقال لها عزير: يا هذه أهذا منزل عزير؟، قالت: نعم هذا منزل عزير فبكت وقالت: ما رأيت أحدًا من كذا وكذا سنة يذكر عزيرًا، وقد نسيه الناس، قال: فإني أنا عزير، كان الله أماتني مئة سنة ثم بعثني،قالت: سبحان الله فإن عزيرًا قد فقدناه منذ مئة سنة، فلم نسمع له بذكر، قال: فإني أنا عزير، قالت: فإن عزيرًا رجلٌ مستجابُ الدعوة، يدعو للمريض، ولصاحب البلاء بالعافية والشفاء، فادع الله أن يردّ علي بصري حتى أراك، فإن كنت عزيرًا عرفتك، قال: فدعا ربه، ومسح بيده على عينيها فصحتا، وأخذ بيدها وقال: قومي بإذن الله، فأطلق الله رجليها، فقامت صحيحة كأنّما نشطت من عقال، فنظرت فقالت: أشهد أنك عزير.

وانطلقت إلى محلة بني إسرائيل، وهم في أنديتهم ومجالسهم، وابن لعزير شيخ ابن مئة سنة وثماني عشر سنة، وبني بنيه شيوخ في المجلس فنادتهم فقالت: هذا عزير قد جاءكم فكذبوها، فقالت: أنا فلانة مولاتكم، دعا لي ربه فرد علي بصري، وأطلق رجلي، وزعم أن الله أماته مئة سنة ثم بعثه، قال: فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه، فقال ابنه: كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه، فكشف عن كتفَيْه فإذا هو عزير، فقالت بنو إسرائيل: فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة، فيما حدثنا غير عزير، وقد حرق “بخت نصر” التوراة، ولم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال فاكتبها لنا، وكان أبوه سروخا، وقد دفن التوراة أيام بخت نصر في موضع يعرفه أحد غير عزير.

فانطلق عزير نبي الله بهم إلى ذلك الموضع فحفره، فاستخرج التوراة، وكان قد عفن الورق، ودرس الكتاب، قال: وجلس في ظل شجرة، وبنو إسرائيل حوله، فجدّد لهم التوراة، ونزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفَه، فتذكر التوراة فجدّدها لبني إسرائيل، ثمّ قالت اليهود عزير بن الله، للذي كان من أمر الشهابين، وتجديده التوراة، وقيامه بأمر بني إسرائيل.

والخلاصة من قصة عزير نبي الله أنّها دليلٌ على عظمة الله -عزّ وجلّ-، وأنّ الله قادر على إحياء الموتى، وبعثهم كذلك وأن الله يؤيّد أنبياءه وخاصّته بالمعجزات، وأنّ المؤمن يعرِفُ قدرة الله وعظمته، لكن يطلب الدليل للاطمئنان. 3)
بنترست