اكتب ما تود البحث عنه و اضغط Enter

قصة الملك لير

الرئيسية قصة الملك لير
تعدُّ قصة الملك لير من أبرز الأعمال للشاعر والأديب الإنجليزيّ الراحل وليم شكسبير، والتي تتناولُ بعض الأحداث التي حصلت مع أحد ملوك بريطانيا فيما مضى والذي يُدعى الملك لير، وكان لهذا الملك ثلاث بنات هُنَّ جونوريل وهي البنت الكبرى وريجان وهي البنت الوسطى وكورديليا وهي البنت الصغرى، وجميعهن متزوجات عدا ابنته الصغرى كورديليا، فقرر الملك أن يتنازل عن ملكه لبناته بسبب تقدمه في العمر، فاستعداهنَّ وطلب منهنَّ أن تعبر كل واحدة منهن عن مدى حبها له، ومن خلال ما سيتم إخباره به سيعطي بناته من مملكة العظيمة.

كانت البنت الكبرى جونوريل على قدر من الدهاء والمكر، وكانت تُحسِنُ تنميق العبارات فأخبرت الملك لير بأنه أغلى من عينيها وأنه لا يوصف بالكلمات وفعلت أختها الوسطى مثلها، أما الصغرى فكانت تحبُّ والدها كثيرًا لكنها لم تكن تحسن انتقاء الكلمات، فوهب الملك ثلث ملكه للكبرى والثلث الثاني لابنته الوسطى، أما ابنته الصغرى فرغم حبها له إلا أنه طلب منها أن تعود لتنتقي له كلمات تناسبه وأن تعود إليه من جديد، لكنها لم تستطع أن تقول له أكثر من ذلك فلم يعطها شيئًا وجعل ملكه مناصفة بين ابنتيْه الكبرى والوسطى، وشمل ذلك تنازله عن سلطاته كملك للبلاد لهن، على أن يبقى لقب ملك البلاد له، وأن يقيم طوال حياته لمدة شهر بالتناوب بين قصْرَي ابنتيه الكبرى والوسطى مع مئة من فرسانه.

شَعَرَ العديد من الناس في محيط قصر الملك بالحزن على كورديليا لأنهم كانوا يعلمون مدى صدقها وحبّها لوالدها، ومن أبرز هؤلاء النبيل أيرل كنت الذي كان مُخْلصًا للملك لير، وعندما تكلم أيرل كنت مع الملك فيما يتعلق بابنته الصغرى غضب الملك أشد الغضب ونفاه من المملكة، وكانت كورديليا على وشك الزواج من الدوق برجاندي لكنه تراجع عن الزواج بها بسبب حرمانها من مُلْك أبيها، وكان ملك فرنسا معجبًا بكورديليا، ولم يثنه فعل والدها على التقدم لخطبتها فتزوجتها وجعلها ملكة لفرنسا.

ومع مرورِ الوقت بدأ الملك لير يشعرُ بخيبة الأمل من ابنتِه الكبرى، حيث تبيّن له أنّها لا تحب إقامته في قصرها مع فرسانه المئة لتصارحه بأنها لا تحتمل أن يبقى معها في ذات القصر، وأمرت جنودها بعدم الاكتراث لأبيها وتجاهل طلباته ما دفعه إلى الغضب من ابنته ليقصد قصر ابنته الوسطى، وفي هذه الأثناء بقي المخلص أيرل كنت في بريطانيا متخفيًا بلباس الخدم المقربين من الملك كي يعتني به وسمى نفسه كايوس، وبعد ذلك طلب الملك من كايوس أن يذهب إلى ابنته الوسطى ويطلب منها أن تجهز مكانًا لاستقبال أبيها ومن معه، وفي طريقه حدث عراك بين كايوس وأحد الجنود الذين أهانوا الملك عندما كان في قصر ابنته الكبرى، ووصل خبر هذا الشجار إلى الابنة الوسطى وزوجها فأمروا باعتقاله وتعذيبه.

وعندما وصل الملك إلى قصر ابنته الوسطى وجد خادمه على آلة للتعذيب عند بوابة القصر فغضب أشد الغضب، وطلب مقابلة ابنته الوسطى وزوجها فأخبره جنودها بأنهما لا يستطيعان مقابلته بسبب التعب فشعر بالخيبة وطلب من جنوده أن يرافقوه إلى مكان يجدوا فيه الأمان، وأنّه لا يريد العيش مع ابنتيه الجاحدتين، فاحتموا في قلعة تسمى دوفر، وكان ذلك بناء على طلب من كايوس الذي تم الإفراج عنه لاحقًا، وبعد أن تم الافراج عنه ذهب إلى فرنسا وأخبر كورديليا بما فعلته أختاها، فطلبت من زوجها ملك فرنسا أن يجهز جيشًا لإسقاط حكم أختيها الحاجدتين، وذهبت للقاء والدها في مشهد عاطفي أدرك فيه الملك لير الخطأ الذي ارتكبه.

وكانت الابنتان الكبرى والوسطى قد وقعتا في حب رجل واحد يسمى أدموند، وبعد فترة توفي زوج الابنة الوسطى فعزمت على الزواج من أدموند وهذا ما أدّى إلى نشوب نيران الغيرة في أختها الكبرى فدست لها أختها الكبرى السم وماتت من فورها، وعندما علم زوجها بفعلتها الشنيعة وقتلها لأختها أمر بإعدامها، أما الابنة الصغرى فقد انهزم جيش زوجها في معركة ضد مملكة بريطانيا وتم أسرها وإعدامها ليموت والدها حزنًا على وفاة ابنته التي أحبته بصدق، أما زوج الابنة الكبرى فقد تم تنصيبه ملكًا على بريطانيا.

الدروس المستفادة من هذه القصّة أن صدق العاطفة والشعور أهمّ من الكلمات المعسولة، فالمشاعر الإنسانية الحقيقة أغلى من جميع الكلمات، وأنّ صاحب الكلام المعسول عادة ما يكون فعله غير منطبق مع كلامه الزائف، كما حدث مع الابنتين الكبرى والوسطى عندما كان تعاملهما غير لائق مع أبيهما رغم ما قالتاه له حتى تظفرا بجزء من ملك أبيهما، وعندما ظفرت كل واحدة بنصف ملكه تنكرت الابنتان للملك رغم صلة القرابة القوية التي تجمعهما معه، كما يُستفاد من قصة الملك لير أن الحسد يعمي بصيرة الإنسان، وقد يتسبّب في تحويلِ الإنسان إلى قاتل لأقرب الناس إليه.
بنترست