مرت ايام هادئه.. اخذت فريده لتقرا رواياتها علي البحر كما كانت دائما تتمنى.. لتهدأ قليلا قبل موجه العاصفه التي ستواجهها من اهلها ومن والدتي..
واهدا انا قليلا.. حتى افكر كيف سأكون درع حول فريده لحمايتها من تلك الهجمات الشرسه
فريده كانت تعشق القراءه على البحر..
قالت لي ان اسعد شيء في دنياها ان تقرا روايا علي البحر.. ولكنها ستكون في جنه ان كانت تقرا تلك الروايه في حضني على البحر
حققت لفريده جنتها.. رغم سعادتها في حضني.. الا اني دائما ما كنت احضنها وانا اسرح في البحر مرسوم علي وجهي ملامح القلق من غدا..
ما لبثنا ان عدنا من اجازتنا
الا وقابلنا الاهالي عائله فريده ووالدتي واخوتي
تهاني وسلامات .. ويبدوا علي ملامح والدا فريده نوع من انواع الرضا الغير مطمأن ..
افتتح نقاش تسميه الولد.. قرروا جميعا انه ولد ليس ببنت
تعالت الاصوات…اختلف الطرفان.. وانا وفريده لا نتحدث
هم فقط يتكلمون..
لم استطع تمالك نفسي
بس !!!!
محدش فيكوا هيسمي حاجه !
ومحدش هسمحله يتدخل في حياتي انا ومراتي !
محدش هيسمي ابننا غير فريده !
هي الي شيلاه.. وهي الي تعبانه فيه.. وهي الي متحمله آلامه.. لا انتي ولا انت ولا حد فيكوا.. محدش له حق التدخل.. ولا حتى انا !
ومش عايز اسمع نقاشات كتير في الموضوع ده
ثم نظرت الي فريده..
ها.. نفسك تسميه ايه
جاء يوم ولادة فريده..
لم اقلق من قبل مثلما قلقت في هذا اليوم.. فريده دائما ما كانت ضعيفه صحيا.. كنت احاول حمايتها طوال فتره زواجنا من اي شيء تتعرض له حتى وان كانت نظره حزن.. صحيح انني لم انجح في الكثير.. ولكني كنت احارب حتى النهايه..
حضر الجميع الي المستشفى.. وكان الدكتور الذي يعالج فريده مشرفا علي ولادتها…كانت المستشفى قد تعلقت بفريده من كثره تناقل الاحاديث والاقاول والقصص حولها منذ مجيئها الاول في المستشفى
كنت في غرفه العمليات..
تمسك فريده بيدي وتشد عليها.. وتصرخ.. مع كل صرخه كنت اتألم انا كما لو اني جزء من اجزاء جسدها يتداعى لوجعها كان ينتظر مني الجميع ان اراقب ولدي وهو يخرج الي النور في حياته الاولى.. ولكني كنت اراقب فريده وآلامها.. اقف عاجزا لا يسعني سوى مسك يديها
ولد ابني…وامسكته…وسارعت بمناولته لفريده.. عساها تهدأ وتشعر ان آلامها قد انتهت وان مولودنا قد جاء الى الحياة..
عادت لي انا الحياة.. حينما رأيتها تبتسم وهي تحمل ابننا.. آدم.. فأدركت حينها.. أني رزقت بمولود.واني الآن اب.. لم اكن ادرك كل تلك المعاني قبل ابتسامه فريده
لطالما احببت فريده اسم آدم.. ولم اكن احبه انا لا اعلم لماذا.. ولكني احببته حبا في فريده.. وكانت تسميه المولود امرا مقدسا عندي.. تقديسا لآلام فريده التي تحملتها طوال فتره حملها وولادتها
لم افارق آدم وفريده طوال فتره تواجدهما في المستشفى..
كنت افكر حقا في السفر خارج هذا المجتمع.. خوفا علي فريده و آدم.. سيطمع المسلمون الا تربيه ام مسيحية.. ويطمع المسيحيون الا يربيه اب مسلم..
وكأننا انا وفريده ليس لنا حياة خاصه نحياها لنربي ابننا علي طريقتنا..
مر عام علي ولادة آدم.. كانت مختصره فيه محاولات كثير فاشله لاقتحام حياتنا اكثر من مره من قبل الطرفان المسلم والمسيحي.. لدرجه اني اشتريت سلاحا آليا وضعته في بيتي تحسبا لاي خطر..
لم تذهب فريده الى الكنيسه بعد ذلك.. كنت حزينا علي عدم احساسها بالحريه في ممارسه شعائر دينها
افرغت غرفه من غرف منزلنا.. لصلاتها فقط.. لتضع فيه صليبها وكتبها المسيحية لتعيش جوها الديني الخاص.. دون ان يزعجها احد..
كانت فريده سعيدة جدا بهذا القرار.. رغم اني كنت اقول لها ان هذا لا يغنيها عن الكنيسه.. بامكانها الذهاب الي اي واحدة..
لكنها اصرت ان الرب سيرضى عنها ان جعلت زوجها وابنها اولى اهتمامها.. حتي وان ضحت بكل شيء من اجلهما
لم اكن سعيدا بهذا الاعتقاد.. لا اريد فريده ان تضحي..
لا اريد استغلال حبها لي.. بان تعيش حياتها معي وكأنها تتحمل آلام
لم نتحمل كثير من الآلام في حياتنا حتى نعيش فيها بعد زواجنا
ولكن خوفي علي فريدة جعلني اوافق علي هذا الاعتقاد..
كنت قلقا علي ابني…
اخشى ان يأتيه الانفصام الديني وعلي ماذا سيتربي..
من حسن حظي ان فريده عندها اعتقاد منذ البدايه ان يتربى الاولاد علي عقيده ابوهم..
شعرت بقليل من الحزن لفريده.. ان ترى اولادها علي غير عقيدتها.. كيف لأم ان ترى اولادها اعتقاد غير اعتقادها..
لكن ادهشتني فريده في تربيتها..
عايزين نحفظ آدم القرآن.
اشمعنى
هو في حد يقول اشمعنى بردو
اقصد ايه الي جاب الموضوع في دماغك
كنت شوفت حاجه في الهيستوري بتاعك علي اليوتيوب….عندكوا الي بيحفظ القرآن بيجي يوم القيامه ابوه وامه لابسين حاجه زي الملوك كده وبتبقي مكانتهم عاليه
ابتسمت.. شعرت بكم جياش من الحب ناحية فريده.. اكاد اتذكر حبي لها في الامس واشتياقي اليها كما لو لم تكن معي
انتي مش مضطره لكده يا فريده.. سيبيهولي وانا ابقي اعلمه واحده واحده
ومين قالك اني مضطره.. انا امه يا هشام.. انا الي اعلمه واخد بالي منه.. لازم ابننا نحاول نطلعه احسن واحد
كانت فريده بالفعل تعلم آدم.. تعاليم الصلاة.. الصلاة الاسلاميه وليست المسيحية.. كانت تعلمه القرآن وتحفظه اياه بعد ان اكمل الاربعه سنوات الاولى له…حرصت فريده ان تعلمه في صغر سنه ليتكون في عقله ويعيش به ابدا..
تمر الايام مع فريده كما لو كان ضوء برق يخطف الانظار وينتهي..
اخيرا جاء اليوم الذي ستتزوج فيه ريهام.. كنت قد افسدت كثيرا من زواجات ريهام من قبل
ربما ريهام لا تسمع لابوها وامها ان لم يوافقا على عريس لريهام…ولكنها تاتي الي ويكن لي الكلمه الاولى والاخيره.. كما لو كانت ابنتي انا..
كانت تظن ريهام اني ساكون احد اسباب عنوستها من كثره عدم موافقتي للرجال المتقدمين اليها
كنت ادرس الرجال جيدا.. اعلم طباعهم وخفاياهم.. دائما ما كنت اقلق ان هذا يستطيع معايشه ريهام والحفاظ عليها الى ان يرحلا من الدنيا..
انانية الرجل.. دائما تجعل الرجل يختزل المرأه في جسد…في أم…في غاسله صحون.. في كواء للملابس
ولا يرى معظم الرجال.. ان المرأه كيان شامل عظيم ومعقد.. له قوانينه وله احترامه.. بل شأنه اعظم بكثير من شأن الرجال
ان كانت المرأه مخلوق عادي.. لما اراد الله ان يحمله كثير من المسؤوليه.. خاصه في اكمال البشريه
مهمات كثيره وضعها الله في المراه.. الرجل ليس اهلا لمسؤوليتها..
يكفى قدرتها علي تحمل آلام زوجها واولادها.. الذي طالما ما يقابل الجحود.. وانكار عظيم شأن المرأه..
الزوج الذي يدعي انه يحمل البيت على اكتافه مجرد انه يصرف علي هذا البيت ويكدح في العمل
والاولاد الذين ينكرون فضل امهم.. ويظن ان هذا فرض عليها
ومع ذلك لا تشتكى الام.. بل تسعد لسعاده ابنائها وزوجها.. تنكر ذاتها من اجلهم.
ليس فقط المراه تختزل كأم.. ولكنه ابسط مثال عن ابسط طرق معاناتها..
.ان لم يخلق هذا المخلوق بهذه القوة.. لانقسمت الارض من كثرة القسوه عليها
فمن من الرجال قد يقدر هذا ؟
هذا هو سبب تأريقي لريهام في اختياري لزوجها..
واخيرا.. قد وافقت علي يحيى….انه عاشق لريهام.. ربما يجعله عشقه لها الي رجل افضل.. يقدر كيانها وشانها
مرت الايام سريعا..
جائت ريهام بماهر…كان آدم يحب ماهر جدا منذ ولادته…كما ان ولد آدم يعشق ريهام.. معتبرا اياها خالته منذ البدايه الا ان ادرك انها ليست خالته بالدم.. ولكنها اكثر من خالته..
كان يحيي زوج ريهام ايضا يحبني حبا لريهام.. فقد تقرب لي منذ البدايه ليصادقني وكان معجب بقصتي انا وفريده.. لذلك كنت ارى فيه الكثير ان يحققه لريهام
لذا كنا عائلتان مقربه.. عائله ريهام وعائلتي
تمر الايام اكثر.. وتأتي فريده بياسين.
ايضا لم اكن احبب هذا الاسم.. ولكني ما زلت محافظا علي قدسيه ان تسمي الأم ابنها .. وليس هناك حق لأي كائن من كان علي وجه الارض ان يتدخل في هذا الامر
لم نشا انا وفريده تعليم ابنائنا هذا التعليم المصري.. كنا نبحث عن مدرسه يابانيه في مصر..
كان الجميع يصدعنا بأقاويل :
اييييييه وفين الانتماء بتاع العياال.. وعايزين تدخلوهم ياباني فين الاعتزاز بالعروبه
لكننا اصرينا انا وفريده علي منهجنا في الحياة..
الجميل في تربيتنا لأولادنا..
اننا منذ طفولتهم.. لم نعاملهم بتاتا كالاطفال :
سواء آدم او ياسين..
كان ادم ذو الست سنوات يسأل اسئله معقده في السياسه.. معظم الآباء والامهات يفضلون اجابه : بس يا حبيبي انت لسه صغير.. بكره لما تكبر هتعرف كل حاجه..
صحيح اننا كنا نعاني انا وفريده في شرح الكثير من تعقيدات وتبسيطها لاطفالنا الصغار.. ولكننا لم ننهرهم ابدا عن سؤال مثل هذا
للاسف كانت تتخذ ريهام هذا الاسلوب
لذلك كان يحبني ماهر جدا حينما كنت ازورهم انا وفريده.. وكان يسألني كثير من الاسئله…كنت كمثله الاعلى في الحياة
تمر الايام..
تزداد البركه في عملي.. يرزقني الله من حيث لا احتسب ولا ادري..
فاشتري شقه بجانبنا ليسكن فيها ريهام ويحيي.. وابنهم ماهر بجانبنا.. رفض يحيي رفض قاطع.. ولكني دائما ما كنت اتعامل معه كأخي الصغير
جري ايه ياض.. انت ازاي تكسرلي كلمه
مش لدرجه شقه يا هشام
هو انا بعطف عليكوا يابني..
امال بتعمل ايه
اوعى ياض تفتكر لما تتجوز ريهام انك خدتها مني ياض انت يلا.. ده انا احبسك.. هيا والواد الماهر دول مسؤولين مني غصب عنك.. ولا جوزها ولا ابوها والا امها حد يقدر يبعدها عني
يا عمي مقولناش حاجه بس تجيبلنا شقه بتاع ايه
عايزكوا جمبي يا اخي ريهام دي بنتي وعايز اطمن عليها.. مش جايز بتضايقها ولا حاجه من ورايا اقوم معلقك في باب زويله
لا بردو مينفعش
ياض متخلنيش احبسك والله.. بكره هتيجي عربيات النقل تنقل من بيتكوا تيجي تقعد هنا.. ومتخافش الشقه باسمكوا من بأسمي بتاعتكوا يعني.. مش هأجرهالكوا
انت بتتكلم في ايه يا هشام
في الكوره.. تصدق اني غلطان اني بتناقش امشي يلا عشان تجهز مع مراتك حاجاتكوا تنقلوا فيها
ماشي ياعم اتش
ياض انا اخوك ياض.. مفيش ما بينا الكلام ده.. وشغل مينفعش والشغل الضيق ده.. لولا اني عارف انك بتحب ريهام قد ايه مكنتش نولتهالك.. ولو كنت اتفقت مع الجن الازرق ما كنت خليتك تعرف توصلها.. ريهام دي بنتي قبل ما تبقي صديقتي كنت انت عيل صغير
خلاص بقي راعي كرامتي شويه دي مراتي بردو
هاهاهاها.. ماشي يا عم روح مع مراتك يا سيدي عشان بكره تنقلوا وانا احتمال اخد الواد ماهر مع ادم وياسين عشان عايزهم في مشوار كده
ليه كده عايزهم في ايه
انت هتصاحبني يابني
انا اسف
حبيبي ياض يا يحيي.. يلا عشان حبه كمان وهقطع علاقتي بيك مش فاضيلك ورايا حاجات
حبيبي
بالطبع لم ينجح بحثنا انا وفريده عن المدرسه اليابانيه في مصر واضطررنا اسفين ادخالهم مدارس مصريه بالتعليم المصري.. وكانوا بفضل الله.. افشل الطلاب في المدارس
كنت اطمأن دائما انهم ينجحون بدرجات النجاح فقط.. كنت احييهم واشجعهم في البيت.. ان تعليمنا المصري يتعارض مع كل ما هو ادمي وانساني
كنت آخذ ادم وياسين وماهر الي كورسات من صغرهم لتعليمهم البرمجه ولغات اجنبيه وكثير من علوم الحياة والعلوم الرياضيه
كنا نتفق نحن كعائلتين ان
مفيش حاجه اسمها اقعد ذاكر…لو عايز تذاكر ذاكر.مش عايز متذاكرش
مادمت ليس شغوفا بما تفعله.. فلا تفعله
فلم نكن نعاني معاناة
اصلي هقعد ازاكر للعيال.. اصلهم مطلعين عيني.. مصاريفنا بتروح علي الدروس الخصوصيه
كانت حياتنا التعليمية سلسه.. لا يوجد بها تعاقيد كل اسره مصريه..
كنت حريصا ان آتي بلاب توب لكل طفل في العائلتين.. ليكون منفذه للانترنت لتعلم اي شيء خارج المدرسه
ايضا
علمنا اولادنا.. ان من يأكل في طبق يغسله…وهناك يوم من الايام يتعلم فيه الاولاد.. كيفيه غسيل ملابسهم
عارضتني فريده كثيرا في هذا الامر.. ولكني دائما ما كنت اقول لها : لن يعيش في جلباب الاسره المصريه
ارتحنا كثيرا انا وفريده في هذه التربيه..
معظم البيوت المصريه.. يتركون اولادهم ان يفعلوا اي شيء في الدنيا.. ولكنهم يقدسون الدراسه.. الدراسه فقط.. ليتها كانت دراسه مفيده.. لا
اعمل الي انت عايزه.. بس الا المدرسه.. ودرجاتك في المدرسه
حرمان من الكمبيوتر او اللابتوب في عصرنا الحالي.. حرمان من كل شيء في سبيل الدراسه.. القائمه علي التلقين فقط
يأتي للدنيا كائن مصري.. كاره للحياة وكاره للدنيا.. محروم من اي شيء ممتع فيها طوال اعوام حياته الي ان يتخلص من الجامعه ليبدأ في متنفس حياته ليبدأ في اكتشافها.. وقد مره علي عمره اكثر من عقدين من الزمن.
تربيتنا لاولادنا.. اراحتني انا وفريده.. في اكبر نقطه كنت اريد الاهتمام بها.. لم اكن اريد ان نتحول لحياة الزوجين..
كنت دائما ما انظر الى فريده كعشيقتي.. ليست كزوجتي.. كنت دائما ما ناعيش اجواء كاننا احببنا بعضنا البعض بالامس
لدرجه ان هناك اياما.. عشنا كأننا مخطوبين.كانت تبيت عند اهلها.. وكان اطفالي رغم صغر سنهم كانوا يحبون هذا الشيء ويقدرونه جدا.. لم يرونا قط متخاصمين..
كما اتفقت انا وفريده.. ان تخاصمنا لا يخرج خصامنا داخل غرفتنا..
نعيش كما من الحب لا يصدقه اخر.. لدرجه ان في عز خصامنا.. امام اولادنا.. كنت احملها ونحن داخلان غرفتنا.. كما لو كنت احملها يوم زفافنا.
لم اشعر ان فريده في يوم اختزلت في ست بيت دائما ما كانت تحافظ على رشاقتها وجمالها .. ودائما ما كنت احافظ انا علي الورود والعشاء الرومانسي كما لو كنا في سن المراهقه رغم ان اولادنا قد قاربوا الدخول فيها..
كنا نمسح بيتنا جميعا سويا.. انا وفريده وادم وياسين لا توجد فكره ان الام هي المسؤوله عن
واهدا انا قليلا.. حتى افكر كيف سأكون درع حول فريده لحمايتها من تلك الهجمات الشرسه
فريده كانت تعشق القراءه على البحر..
قالت لي ان اسعد شيء في دنياها ان تقرا روايا علي البحر.. ولكنها ستكون في جنه ان كانت تقرا تلك الروايه في حضني على البحر
حققت لفريده جنتها.. رغم سعادتها في حضني.. الا اني دائما ما كنت احضنها وانا اسرح في البحر مرسوم علي وجهي ملامح القلق من غدا..
ما لبثنا ان عدنا من اجازتنا
الا وقابلنا الاهالي عائله فريده ووالدتي واخوتي
تهاني وسلامات .. ويبدوا علي ملامح والدا فريده نوع من انواع الرضا الغير مطمأن ..
افتتح نقاش تسميه الولد.. قرروا جميعا انه ولد ليس ببنت
تعالت الاصوات…اختلف الطرفان.. وانا وفريده لا نتحدث
هم فقط يتكلمون..
لم استطع تمالك نفسي
بس !!!!
محدش فيكوا هيسمي حاجه !
ومحدش هسمحله يتدخل في حياتي انا ومراتي !
محدش هيسمي ابننا غير فريده !
هي الي شيلاه.. وهي الي تعبانه فيه.. وهي الي متحمله آلامه.. لا انتي ولا انت ولا حد فيكوا.. محدش له حق التدخل.. ولا حتى انا !
ومش عايز اسمع نقاشات كتير في الموضوع ده
ثم نظرت الي فريده..
ها.. نفسك تسميه ايه
جاء يوم ولادة فريده..
لم اقلق من قبل مثلما قلقت في هذا اليوم.. فريده دائما ما كانت ضعيفه صحيا.. كنت احاول حمايتها طوال فتره زواجنا من اي شيء تتعرض له حتى وان كانت نظره حزن.. صحيح انني لم انجح في الكثير.. ولكني كنت احارب حتى النهايه..
حضر الجميع الي المستشفى.. وكان الدكتور الذي يعالج فريده مشرفا علي ولادتها…كانت المستشفى قد تعلقت بفريده من كثره تناقل الاحاديث والاقاول والقصص حولها منذ مجيئها الاول في المستشفى
كنت في غرفه العمليات..
تمسك فريده بيدي وتشد عليها.. وتصرخ.. مع كل صرخه كنت اتألم انا كما لو اني جزء من اجزاء جسدها يتداعى لوجعها كان ينتظر مني الجميع ان اراقب ولدي وهو يخرج الي النور في حياته الاولى.. ولكني كنت اراقب فريده وآلامها.. اقف عاجزا لا يسعني سوى مسك يديها
ولد ابني…وامسكته…وسارعت بمناولته لفريده.. عساها تهدأ وتشعر ان آلامها قد انتهت وان مولودنا قد جاء الى الحياة..
عادت لي انا الحياة.. حينما رأيتها تبتسم وهي تحمل ابننا.. آدم.. فأدركت حينها.. أني رزقت بمولود.واني الآن اب.. لم اكن ادرك كل تلك المعاني قبل ابتسامه فريده
لطالما احببت فريده اسم آدم.. ولم اكن احبه انا لا اعلم لماذا.. ولكني احببته حبا في فريده.. وكانت تسميه المولود امرا مقدسا عندي.. تقديسا لآلام فريده التي تحملتها طوال فتره حملها وولادتها
لم افارق آدم وفريده طوال فتره تواجدهما في المستشفى..
كنت افكر حقا في السفر خارج هذا المجتمع.. خوفا علي فريده و آدم.. سيطمع المسلمون الا تربيه ام مسيحية.. ويطمع المسيحيون الا يربيه اب مسلم..
وكأننا انا وفريده ليس لنا حياة خاصه نحياها لنربي ابننا علي طريقتنا..
مر عام علي ولادة آدم.. كانت مختصره فيه محاولات كثير فاشله لاقتحام حياتنا اكثر من مره من قبل الطرفان المسلم والمسيحي.. لدرجه اني اشتريت سلاحا آليا وضعته في بيتي تحسبا لاي خطر..
لم تذهب فريده الى الكنيسه بعد ذلك.. كنت حزينا علي عدم احساسها بالحريه في ممارسه شعائر دينها
افرغت غرفه من غرف منزلنا.. لصلاتها فقط.. لتضع فيه صليبها وكتبها المسيحية لتعيش جوها الديني الخاص.. دون ان يزعجها احد..
كانت فريده سعيدة جدا بهذا القرار.. رغم اني كنت اقول لها ان هذا لا يغنيها عن الكنيسه.. بامكانها الذهاب الي اي واحدة..
لكنها اصرت ان الرب سيرضى عنها ان جعلت زوجها وابنها اولى اهتمامها.. حتي وان ضحت بكل شيء من اجلهما
لم اكن سعيدا بهذا الاعتقاد.. لا اريد فريده ان تضحي..
لا اريد استغلال حبها لي.. بان تعيش حياتها معي وكأنها تتحمل آلام
لم نتحمل كثير من الآلام في حياتنا حتى نعيش فيها بعد زواجنا
ولكن خوفي علي فريدة جعلني اوافق علي هذا الاعتقاد..
كنت قلقا علي ابني…
اخشى ان يأتيه الانفصام الديني وعلي ماذا سيتربي..
من حسن حظي ان فريده عندها اعتقاد منذ البدايه ان يتربى الاولاد علي عقيده ابوهم..
شعرت بقليل من الحزن لفريده.. ان ترى اولادها علي غير عقيدتها.. كيف لأم ان ترى اولادها اعتقاد غير اعتقادها..
لكن ادهشتني فريده في تربيتها..
عايزين نحفظ آدم القرآن.
اشمعنى
هو في حد يقول اشمعنى بردو
اقصد ايه الي جاب الموضوع في دماغك
كنت شوفت حاجه في الهيستوري بتاعك علي اليوتيوب….عندكوا الي بيحفظ القرآن بيجي يوم القيامه ابوه وامه لابسين حاجه زي الملوك كده وبتبقي مكانتهم عاليه
ابتسمت.. شعرت بكم جياش من الحب ناحية فريده.. اكاد اتذكر حبي لها في الامس واشتياقي اليها كما لو لم تكن معي
انتي مش مضطره لكده يا فريده.. سيبيهولي وانا ابقي اعلمه واحده واحده
ومين قالك اني مضطره.. انا امه يا هشام.. انا الي اعلمه واخد بالي منه.. لازم ابننا نحاول نطلعه احسن واحد
كانت فريده بالفعل تعلم آدم.. تعاليم الصلاة.. الصلاة الاسلاميه وليست المسيحية.. كانت تعلمه القرآن وتحفظه اياه بعد ان اكمل الاربعه سنوات الاولى له…حرصت فريده ان تعلمه في صغر سنه ليتكون في عقله ويعيش به ابدا..
تمر الايام مع فريده كما لو كان ضوء برق يخطف الانظار وينتهي..
اخيرا جاء اليوم الذي ستتزوج فيه ريهام.. كنت قد افسدت كثيرا من زواجات ريهام من قبل
ربما ريهام لا تسمع لابوها وامها ان لم يوافقا على عريس لريهام…ولكنها تاتي الي ويكن لي الكلمه الاولى والاخيره.. كما لو كانت ابنتي انا..
كانت تظن ريهام اني ساكون احد اسباب عنوستها من كثره عدم موافقتي للرجال المتقدمين اليها
كنت ادرس الرجال جيدا.. اعلم طباعهم وخفاياهم.. دائما ما كنت اقلق ان هذا يستطيع معايشه ريهام والحفاظ عليها الى ان يرحلا من الدنيا..
انانية الرجل.. دائما تجعل الرجل يختزل المرأه في جسد…في أم…في غاسله صحون.. في كواء للملابس
ولا يرى معظم الرجال.. ان المرأه كيان شامل عظيم ومعقد.. له قوانينه وله احترامه.. بل شأنه اعظم بكثير من شأن الرجال
ان كانت المرأه مخلوق عادي.. لما اراد الله ان يحمله كثير من المسؤوليه.. خاصه في اكمال البشريه
مهمات كثيره وضعها الله في المراه.. الرجل ليس اهلا لمسؤوليتها..
يكفى قدرتها علي تحمل آلام زوجها واولادها.. الذي طالما ما يقابل الجحود.. وانكار عظيم شأن المرأه..
الزوج الذي يدعي انه يحمل البيت على اكتافه مجرد انه يصرف علي هذا البيت ويكدح في العمل
والاولاد الذين ينكرون فضل امهم.. ويظن ان هذا فرض عليها
ومع ذلك لا تشتكى الام.. بل تسعد لسعاده ابنائها وزوجها.. تنكر ذاتها من اجلهم.
ليس فقط المراه تختزل كأم.. ولكنه ابسط مثال عن ابسط طرق معاناتها..
.ان لم يخلق هذا المخلوق بهذه القوة.. لانقسمت الارض من كثرة القسوه عليها
فمن من الرجال قد يقدر هذا ؟
هذا هو سبب تأريقي لريهام في اختياري لزوجها..
واخيرا.. قد وافقت علي يحيى….انه عاشق لريهام.. ربما يجعله عشقه لها الي رجل افضل.. يقدر كيانها وشانها
مرت الايام سريعا..
جائت ريهام بماهر…كان آدم يحب ماهر جدا منذ ولادته…كما ان ولد آدم يعشق ريهام.. معتبرا اياها خالته منذ البدايه الا ان ادرك انها ليست خالته بالدم.. ولكنها اكثر من خالته..
كان يحيي زوج ريهام ايضا يحبني حبا لريهام.. فقد تقرب لي منذ البدايه ليصادقني وكان معجب بقصتي انا وفريده.. لذلك كنت ارى فيه الكثير ان يحققه لريهام
لذا كنا عائلتان مقربه.. عائله ريهام وعائلتي
تمر الايام اكثر.. وتأتي فريده بياسين.
ايضا لم اكن احبب هذا الاسم.. ولكني ما زلت محافظا علي قدسيه ان تسمي الأم ابنها .. وليس هناك حق لأي كائن من كان علي وجه الارض ان يتدخل في هذا الامر
لم نشا انا وفريده تعليم ابنائنا هذا التعليم المصري.. كنا نبحث عن مدرسه يابانيه في مصر..
كان الجميع يصدعنا بأقاويل :
اييييييه وفين الانتماء بتاع العياال.. وعايزين تدخلوهم ياباني فين الاعتزاز بالعروبه
لكننا اصرينا انا وفريده علي منهجنا في الحياة..
الجميل في تربيتنا لأولادنا..
اننا منذ طفولتهم.. لم نعاملهم بتاتا كالاطفال :
سواء آدم او ياسين..
كان ادم ذو الست سنوات يسأل اسئله معقده في السياسه.. معظم الآباء والامهات يفضلون اجابه : بس يا حبيبي انت لسه صغير.. بكره لما تكبر هتعرف كل حاجه..
صحيح اننا كنا نعاني انا وفريده في شرح الكثير من تعقيدات وتبسيطها لاطفالنا الصغار.. ولكننا لم ننهرهم ابدا عن سؤال مثل هذا
للاسف كانت تتخذ ريهام هذا الاسلوب
لذلك كان يحبني ماهر جدا حينما كنت ازورهم انا وفريده.. وكان يسألني كثير من الاسئله…كنت كمثله الاعلى في الحياة
تمر الايام..
تزداد البركه في عملي.. يرزقني الله من حيث لا احتسب ولا ادري..
فاشتري شقه بجانبنا ليسكن فيها ريهام ويحيي.. وابنهم ماهر بجانبنا.. رفض يحيي رفض قاطع.. ولكني دائما ما كنت اتعامل معه كأخي الصغير
جري ايه ياض.. انت ازاي تكسرلي كلمه
مش لدرجه شقه يا هشام
هو انا بعطف عليكوا يابني..
امال بتعمل ايه
اوعى ياض تفتكر لما تتجوز ريهام انك خدتها مني ياض انت يلا.. ده انا احبسك.. هيا والواد الماهر دول مسؤولين مني غصب عنك.. ولا جوزها ولا ابوها والا امها حد يقدر يبعدها عني
يا عمي مقولناش حاجه بس تجيبلنا شقه بتاع ايه
عايزكوا جمبي يا اخي ريهام دي بنتي وعايز اطمن عليها.. مش جايز بتضايقها ولا حاجه من ورايا اقوم معلقك في باب زويله
لا بردو مينفعش
ياض متخلنيش احبسك والله.. بكره هتيجي عربيات النقل تنقل من بيتكوا تيجي تقعد هنا.. ومتخافش الشقه باسمكوا من بأسمي بتاعتكوا يعني.. مش هأجرهالكوا
انت بتتكلم في ايه يا هشام
في الكوره.. تصدق اني غلطان اني بتناقش امشي يلا عشان تجهز مع مراتك حاجاتكوا تنقلوا فيها
ماشي ياعم اتش
ياض انا اخوك ياض.. مفيش ما بينا الكلام ده.. وشغل مينفعش والشغل الضيق ده.. لولا اني عارف انك بتحب ريهام قد ايه مكنتش نولتهالك.. ولو كنت اتفقت مع الجن الازرق ما كنت خليتك تعرف توصلها.. ريهام دي بنتي قبل ما تبقي صديقتي كنت انت عيل صغير
خلاص بقي راعي كرامتي شويه دي مراتي بردو
هاهاهاها.. ماشي يا عم روح مع مراتك يا سيدي عشان بكره تنقلوا وانا احتمال اخد الواد ماهر مع ادم وياسين عشان عايزهم في مشوار كده
ليه كده عايزهم في ايه
انت هتصاحبني يابني
انا اسف
حبيبي ياض يا يحيي.. يلا عشان حبه كمان وهقطع علاقتي بيك مش فاضيلك ورايا حاجات
حبيبي
بالطبع لم ينجح بحثنا انا وفريده عن المدرسه اليابانيه في مصر واضطررنا اسفين ادخالهم مدارس مصريه بالتعليم المصري.. وكانوا بفضل الله.. افشل الطلاب في المدارس
كنت اطمأن دائما انهم ينجحون بدرجات النجاح فقط.. كنت احييهم واشجعهم في البيت.. ان تعليمنا المصري يتعارض مع كل ما هو ادمي وانساني
كنت آخذ ادم وياسين وماهر الي كورسات من صغرهم لتعليمهم البرمجه ولغات اجنبيه وكثير من علوم الحياة والعلوم الرياضيه
كنا نتفق نحن كعائلتين ان
مفيش حاجه اسمها اقعد ذاكر…لو عايز تذاكر ذاكر.مش عايز متذاكرش
مادمت ليس شغوفا بما تفعله.. فلا تفعله
فلم نكن نعاني معاناة
اصلي هقعد ازاكر للعيال.. اصلهم مطلعين عيني.. مصاريفنا بتروح علي الدروس الخصوصيه
كانت حياتنا التعليمية سلسه.. لا يوجد بها تعاقيد كل اسره مصريه..
كنت حريصا ان آتي بلاب توب لكل طفل في العائلتين.. ليكون منفذه للانترنت لتعلم اي شيء خارج المدرسه
ايضا
علمنا اولادنا.. ان من يأكل في طبق يغسله…وهناك يوم من الايام يتعلم فيه الاولاد.. كيفيه غسيل ملابسهم
عارضتني فريده كثيرا في هذا الامر.. ولكني دائما ما كنت اقول لها : لن يعيش في جلباب الاسره المصريه
ارتحنا كثيرا انا وفريده في هذه التربيه..
معظم البيوت المصريه.. يتركون اولادهم ان يفعلوا اي شيء في الدنيا.. ولكنهم يقدسون الدراسه.. الدراسه فقط.. ليتها كانت دراسه مفيده.. لا
اعمل الي انت عايزه.. بس الا المدرسه.. ودرجاتك في المدرسه
حرمان من الكمبيوتر او اللابتوب في عصرنا الحالي.. حرمان من كل شيء في سبيل الدراسه.. القائمه علي التلقين فقط
يأتي للدنيا كائن مصري.. كاره للحياة وكاره للدنيا.. محروم من اي شيء ممتع فيها طوال اعوام حياته الي ان يتخلص من الجامعه ليبدأ في متنفس حياته ليبدأ في اكتشافها.. وقد مره علي عمره اكثر من عقدين من الزمن.
تربيتنا لاولادنا.. اراحتني انا وفريده.. في اكبر نقطه كنت اريد الاهتمام بها.. لم اكن اريد ان نتحول لحياة الزوجين..
كنت دائما ما انظر الى فريده كعشيقتي.. ليست كزوجتي.. كنت دائما ما ناعيش اجواء كاننا احببنا بعضنا البعض بالامس
لدرجه ان هناك اياما.. عشنا كأننا مخطوبين.كانت تبيت عند اهلها.. وكان اطفالي رغم صغر سنهم كانوا يحبون هذا الشيء ويقدرونه جدا.. لم يرونا قط متخاصمين..
كما اتفقت انا وفريده.. ان تخاصمنا لا يخرج خصامنا داخل غرفتنا..
نعيش كما من الحب لا يصدقه اخر.. لدرجه ان في عز خصامنا.. امام اولادنا.. كنت احملها ونحن داخلان غرفتنا.. كما لو كنت احملها يوم زفافنا.
لم اشعر ان فريده في يوم اختزلت في ست بيت دائما ما كانت تحافظ على رشاقتها وجمالها .. ودائما ما كنت احافظ انا علي الورود والعشاء الرومانسي كما لو كنا في سن المراهقه رغم ان اولادنا قد قاربوا الدخول فيها..
كنا نمسح بيتنا جميعا سويا.. انا وفريده وادم وياسين لا توجد فكره ان الام هي المسؤوله عن